التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، ونحن هنا نعرف بهذه البلاد تعريفًا موجزًا.
قصة الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز
لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غدت منارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سمرقند، وبُخارَى، وخوارزم، وترمذ، وغيرها. وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها "بلاد ما وراء النهر"، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع وغنية بالثروات الطبيعية، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا.
وكانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر (وسط آسيا والقوقاز) في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث ارتبطت الفتوحات بالقائد العربي المسلم الأحنف بن قيس التميمي، ولكن الفتوحات الحقيقية لها كانت في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك، والذي اشتهر في عهده القائد المظفَّر قتيبة بن مسلم الباهلي.
وقد استطاع العباسيُّون تحقيق نجاحات هائلة، حتى إن الثقافة الإسلاميَّة توطَّدت بين أهل تلك البلاد، وقد بدأ أهلها يتعلَّمون اللغة العربيَّة، وحفظ القرآن الكريم. على أن السامانيين (261- 389هـ/ 874- 999م) كان دورهم أكبر في انتشار الإسلام في هذه البلاد؛ إذ كانت عاصمتهم بُخَارى، لذلك كان من الطبيعي أن يكون اهتمامهم بما وراء النهر أعظم. وفي عهد الأتراك السلاجقة في القرن الخامس الهجري زادت الجهود لنشر الإسلام في مناطق أخرى من بلاد تركستان الغربيَّة وما حولها.
وبدأت روسيا القيصريَّة في التكالب على المسلمين في هذه المناطق؛ لمَّا ضَعُفَت الخلافة العثمانيَّة، وخاضت معهم حروب إبادة جماعيَّة، وحملات التنصير الإجباري. وبعد قيام الثورة البلشفيَّة الشيوعيّة عمل الروس على فرض اللغة الروسيَّة كلغة رسميَّة، ومنع الدراسة الدينيَّة وتدريس اللغة العربيَّة منعًا باتًّا، ونشر الأيديولوجيَّة الإلحاديَّة، وزرع الثقافة الشيوعيَّة، وتشتيت المسلمين وتذبيحهم، وخاصةً في كازاخستان وقيرغيزيا.
وبرغم هذه الحملة الشرسة لأجل انسلاخ المسلمين من دينهم، فإن المسلمين ظلوا يتمسكون بدينهم، وما زال الإسلام يتفجَّر بالقوَّة هناك.
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي استطاعت أكثر دول وسط آسيا وبلاد القوقاز الانفصال عن روسيا، غير أن الشيشان رغم إعلانها الاستقلال عن روسيا إلا أن الروس لجئوا إلى الخيار العسكري والحصار التام للجمهورية الشيشانية، وما زالت الشيشان تحاول الاستقلال عن روسيا الجائرة.
وأخيرًا وبعد استقلال دول وسط آسيا والقوقاز، نجد أن معظم النُّخَبِ الحاكمة في تلك الدول ما زالوا متأثِّرين بالفكر الشيوعيّ في بعض أنظمتهم، ونجد الاتِّجاه السائد هو عدم الرغبة في قيام أحزاب أو تكتُّلات إسلاميَّة، خاصَّةً في دول وسط آسيا.
التعريف بوسط آسيا وبلاد القوقاز
لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة عظيمة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غَدَتْ مراكز علميَّة طبقت شهرتها الآفاق، ومنارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سَمَرْقَنْد، وَبُخَارَى، وخُوَارِزم، وتِرْمِذ، وفَارَابَ، وبيرُون، وسِجِسْتَان، وغيرها؛ وهي أسماء تدلُّ على أعلام لهم أيضًا مكانتهم في التاريخ الإسلامي، مثل: البُخَاري، والخُوَارِزمي، والتِّرْمِذي، والفَارَابي، و البيرُوني، وابن سينا، والجُرْجَاني، والسِّجِسْتَاني، وغيرهم من العلماء الأعلام الذين رفعوا لواء الإسلام وبَنَوْا للحضارة الإسلاميَّة عزًّا ومجدًا.
بلاد ما وراء النهر
وقد كانت هذه المنطقة تُعرف في الماضي ببلاد تركستان الكبرى، وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها: "بلاد ما وراء النهر"، ومعناها البلاد الواقعة خلف نهر جيحون (أموردريا)، وسيحون (سيردريا)، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا، وقد باتت مقسَّمة إلى تركستان الشرقيَّة وتركستان الغربيَّة، وتخضع منطقة تركستان الشرقيَّة الآن للاحتلال الصيني البغيض، والذي يُمَارِسُ مع سكانها كل أنواع التعذيب والقتل والتنكيل، أما منطقة تركستان الغربيَّة فهي موضوع دراستنا، وتضمُّ دُولاً خمسًا هي: طاجيكستان، وتركمانستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، بالإضافة إلى أذربيجان التي يشملها إقليم القوقاز مع جمهوريات وأقاليم أخرى ذات استقلال ذاتي في جمهوريتي أرمينيا وجورجيا[1].
آسيا الوسطى والقوقاز.. ثروات طائلة
وتمثِّل آسيا الوسطى مع منطقة القوقاز وَحْدَة جغرافيَّة واحدة، بحُكْم تضاريسها وتاريخها وموقعها، كما أنها تمثِّل أهميَّة إستراتيجيَّة كبرى، وتمتلك مصادر وثروات طبيعيَّة هائلة دَعَتْ إلى أن تتكالب عليها قوًى عديدة؛ فقيرغيزستان - على سبيل المثال - ترقد على مناجم هائلة من الذهب، وطاجيكستان تمتلك مناجم كبيرة من اليورانيوم تم اكتشافها في الثلاثينيات، وفي عام 1946م وفي مدينة تابوشا الطاجيكيَّة تمَّ تشييد أوَّل معمل سوفيتي لاستخلاص اليورانيوم الذي استخدم كمادَّة أوَّليَّة في تصنيع بلوتونيوم القنبلة الذرِّيَّة.
أما في القوقاز فنجد أن جمهوريَّة الشيشان تتصدَّر المناطق الواقعة تحت الحكم الروسي في إنتاج النفط خفيف الكثافة، والذي يُعَدُّ من أجود أنواع النفط في العالم، ويقول الخبراء: "إذا استُغِلَ المخزون النفطيُّ في الشيشان فسيصبح الشعب الشيشاني كشعوب منطقة الخليج من حيث القوَّة الاقتصاديَّة".
وقد تمَّ اكتشاف النفط هناك عام 1893م، كما أن العاصمة الشيشانيَّة جروزني ظلَّت مركزًا للصناعات البتروكيماويَّة؛ ففيها تمَّ تكرير ستة ملايين ونصف مليون طن من النفط عام 1996م وَحْدَه.
وتخبئ سلاسل الجبال الممتدَّة على مساحات شاسعة؛ والتي تتمتَّع بقمم شاهقة تخبئ ثروات ضخمة من المعادن؛ كما أن سهولها ووديانها خصبة وغنيَّة بالإنتاج الزراعي الوفير، لكن أيًّا ما كان الحديث عن ثروات آسيا الوسطى والقوقاز، فإن الثروات النفطيَّة المخبوءة تحت سطح بحر قزوين تظلُّ في كفَّة وبقيَّة الثروات في كفَّة أخرى، بل إن الحديث عن ثروات هذا البحر يغطي دائما على أي حديث آخر.[2]
[1] انظر محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 21/ 224، 225، وسعيد أحمد سلطان: محنة المسلمين في آسيا الوسطى والقوقاز ص 6، 18، ومحمود طه أبو العلا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي "سابقًا" دراسة اجتماعية اقتصادية سياسية ص 8 .
[2] في ثروات المنطقة انظر: آسيا الوسطى أطماع عمرها خمسة قرون، مقال لشعبان عبد الرحمن، على الرابط:
http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/11/article2-2.shtml
التعليقات
إرسال تعليقك